عدد الذين شاهدوا هذه الصفحة معك

31‏/12‏/2011

يلادي يا بلادي

بلادي يا بلادي
غيمة بيضاء تزخ المطر
وتضيع قطراتها في موج البحر
ونبع سوداء تفور منذ قدر
 تخرج من بين الحجر
تفيض خيرات لغير بشر
بلادي شعبها حيران
ما بين مد وجزر
تقودها الاهواء وتحمل الوزر
بلادي لم اعرف فيك الامان منذ الفجر
فُتحت عيناني على سواد
وفطمت بين احضان  دموع الحزن
ومنايا راقصات على كل وتر
تتساقط اوراقك منذ الازل
بين طعنات سيوف وبين سم قذر
وجائت الحتوف برصاص غدر
يخترق الاجساد دون عذر
وموتا سريع بضغط زر
يحرق المئات بلمح البصر
بلادي يا بلادي
يا روضه الجنات
ما بال اهلك مئات يجمعهم قبر
شيب وشباب واطفال قصر
ونساء بين ثيب وبكر
أ كذا يكون العيش على ارضك
بين ثنايا الجحيم وبين  الهدر
كلما هاجرت  مصيبة
تاتي العن منها بكل فخر
بلادي يا بلادي
صبرا فصبر
فالصبر منك صاح الصبر
وارتفعت حناجر  الياس
تغني على بقايا نهر
فاض حبا
والان يفيض دما بقدر
بلادي يا بلادي
ها قد مسكوا السكين
ليطعنوا ارضك في الصدر
يقسموك غنائم حرب
والحرب بينهم
من اجل كرسي وأجر
بلادي يا بلادي
احبك كلك رغم مراره الهجر

الشاعر ضياء الدراجي

30‏/12‏/2011

عبدالله الرضيع

بجيت من طاح فرخ عصفور
التمت عصافير الفرع رايده اشيله
وعبدالله بيد حسين عطشان
التمت احقاد الكفر  وسهم تنطيله

الشاعر ضياء الدراجي

احسب الزينات

بالحجي شكد الي زينات
ما شفتك بيوم تشكر
ومن خطاء ما مقصود
السانك علية يبتر بتر

الشاعر ضياء الدراجي

عمري كبير

عمري جبير وما اعتقد موجود
لا ن سنينك ما يعرفه قاموسي
شاب انه وانته ما مولود
تشهد لحيتي لزينه موسي

الشاعر ضياء الدراجي

راس السنة

خلصت السنة وانته ما موجود
يا يوم التجي واكلك شلونك
ارد اكلك كل عام وانته بخير
حل راس السنة من فدوه لعيونك

الشاعر ضياء الدراجي

29‏/12‏/2011

كتاب البشر

كتاب البشر ومسطر سطور
اقرة سطوره تعرف شما بيه
من اول سطرة تبين اطباع
شريف الاصل لو خبثة يغطيه

الشاعر ضياء الدراجي

رد على الاهانة من صديق

لا تظني حجر ما عندي احساس
عندي الاهانة مو شي عادي
بيه عزت نفس وبيه رفعت راس
وعندي الكرامة مشربي وزادي
ما همني كلامك بس كلام الناس
من عرفوا صحبتك غدرت افادي
رفعت ارذل بشر وصرت مقياس
صاروا جبل وانه اسفل الوادي
الساني من الخجل كطعتة بفاس
خوفي من الغضب يصرخ ينادي
انه علم وغيرة واهلي اساس
انه الخير والخير بربوعي بادي

الشاعر ضياء الدراجي

رحيل الاحتلال

كالولي احتلالك ابد ميروح
بس بصبري طلعت احتلالي
كالولي تظل للابد مجروح
وكلمن دواه بخبثه وصفالي
وصفولي دم ورهاب ونوح
والجراري منهم ما جرالي
خسرونة بالموت هواي اخوان
طفي العراق وحال حسين حالي
يعاين عالزلم متوسدة التربان
اسد وعرينه من اسباعة خالي
حسين من مات مو خسران
رفع راس الدين والدين عالي
احلفت بحسين وجفوف عباس
لرجع ارضي ومالي وحلالي
عراقي وبالصبر ارفع راس
اسلاحي ارضي وانهاري وجبالي

الشاعر ضياء الدراجي

23‏/12‏/2011

انفض غبار الحقد

انفض غبار الحقد وخل عينك شع نور
واعترف بيك الغلط لا تعترف مجبور
محروكة ارض الوطن وانته تلف ودور
اعترف بيك الغلط لا تكول شاهد زور

الشاعر ضياء الدراجي

تفجيرات بغداد

شقوا جيوب الصدور واخدشوا الخدودا
عراقً اضحى دمه على الارضِ يسودا
اناملأ ونحوراً واطفلاً وكفوفاً بالدمِ شهودا
فالبسوا السواد فكل يومٍ عاشوراء يعودا

الشاعر ضياء الدراجي

ام تنعى ولدها في تفجيرات بغداد 22-12-2011

ام تنعى ولدها في تفجيرات اليوم
************************
يمه شكول عليك من شفت دمك=احفر بصفك لحد واندفن يمك
************************************************
موت الخذاك شلون ما دره بية=يتيمة وبلا خوان بس انته لية
************************************************
لفجرك كون بساع يحصل منيتة=ودعي لرب الكون يضيعله صيتة
************************************************


الشاعر ضياء الدراجي

22‏/12‏/2011

ضعيه في التابوت

دمٌ سال على ارضي
يفيض من بين لحم وعظم
يملء شوراع بغداد
وتذرف لاجله الدموع
موت لا يعرف الكبير من الصغير
شضايا تقتل الجميع
خرجت من صدور حاقدة
لا تحب ان يفرح الشعب
دوة في كل بغداد
هزت كل مكان
لنصلي لاجلها صلاة الايات
لنصلي لاجل كل من مات
اسف فقد خانتني العبارات
من مات شهيدا
بل روح يوطف الطرقات
بالامس عرسا في الدجيل
واليوم  اعراس موت على ضفاف دجلة
تدعوا بلا اختيار اناس الى الموت
وتحصد بلا استثناء اي عرق او مذهب
كنت اليوم هناك
لكن الموت امهلني لحظات
قال عد الى بيتك
فلك اهل بنتظارك هناك
لكن ماذا عن من مات
اليس لهم اهلا ينتظرون
ويعدون الساعات حتى يعودون
ينتظرون قوت اليوم
ولكن جثث الاحباب يجنون
اه ثم اه ثم لطمات الخدود
على أم تبحث بين الرقود
عن طفل لم يبلغ الرشود
ذهب يحضر الخبز
من فرن قريب
فكان الموت له اقرب
تقلب الوجوة
فما اكثر الاطفال بين الرقود
واخرى تبحث عن زوج مفقود
تجد خاتم زواجها باصبع مقطوع
تسال عن رجل بلا اصبع بين الاحياء
فكان الجواب لم يبقى سوى الاصبع
ضعيه في التابوت

ضياء الدراجي

من اجل شهداء بغداد في يوم الخميس الدامي 22-12-2011

تفجيرات بغداد يوم 22-12-2011

يا قمة نجاسة وياابن ملعون
يا مجرم خبيث لما وصلك فرعون
انت الغدر والغدر بيك يهون

ها ها
مظلومة الناس الماتت مظلومة

جنوبي الاصل وبغداد عنواني

جنوبي الاصل وبغداد عنواني
انباري الهوى ولسان كردستاني
مصلاوي القلب وديالى بستاني
نجفي العشك وبعلي  دفاني
كربلائي الحزن يم حسين تلكاني
سامرائي النغم واللحن بجاني
 عراقي الاصل وعراقي اكيد اني
اعربي ابن اعربي من بني عدناني
تذبحني ليش تريد وبغدرك اناني
اخوك بيه اعترف لا تذبحني ثاني


كتلة اعترف كال انته ايراني
ردلي جوابة بتفجري اخواني
كتلة اعترف كال انت  مو اني
فجر ديرتي وكتلي جيراني
كتله دموي مو بشر انساني
وليكتل بشر اصلة حيواني
عندي سؤال حيرني اذاني
ليفجر مدرسة بريء لو جاني
واليذبح طفل بيا دين عدواني
لا تكلي مسلم الاسلام رباني
دين السماحة والعقل والاحسانِ


الشاعر ضياء الدراجي

20‏/12‏/2011

خربانة

خربانه وصَدك من كال خربانه
بحار انكتل بيدين ربانه
يحلف جذب ويكول موش انه
واديه بلا خجل بدموم حمرانه

فرحانه وتسلوف بيه فرحانه
بقائدها النذل الصفه خوانه
عانه الشعب منه شما عانه
خلانه فريسه للموت خلانه

روافض يدعي والكتل عنوانه
وبخت الحسين طلع نيشانه
جانه بكل وسيلة وياريت ما جانه
رمل جهال العرس وكثر يتامانه

الشاعر ضياء الدراجي

19‏/12‏/2011

ياسر

ارد احلفنك باسمك يا ياسر 
يا سر الخبلاني بحبه يا سر؟ 
جماله الخبلاني بنظرة يأسر
بسجون العشك خلاني البليه

الشاعر ضياء الدراجي

14‏/12‏/2011

الاقاليم

الى كل سياسي يدعُ لاقامة الاقاليم
***************************
اقليم لتريده يصير مو قصدك امنه
قصدك تبوك فلوس يسره ويمنه

الشاعر ضياء الدراجي

الطائفية

لا تجيب الطائفية ودكه اسفين الفراق
احنه شعب واحد شعب اسمه العراق

الشاعر ضياء الدراجي

10‏/12‏/2011

على درب الحسين جينه مشاية


على درب الحسين جينه مشاية
بلباس الجفن وعيون بجاية

نمشي للحسين مرضوض الصدور
يلي كربلا من دمة تفور
مقطوع البنان محزوز النحور
مقطوع البنان محزوز النحور

مقتول الفرات لما شرب ماية

على درب الحسين جينه مشاية
بلباس الجفن وعيون بجاية

نمشي لعباس للمكطعه جفوفه
وكربة مايه بسهام  مزروفه
يصرخ يا كفر احسين ما عوفه
يصرخ يا كفر احسين ما عوفه

انه بن حيدرة وحامل الراية

على درب الحسين جينه مشاية
بلباس الجفن وعيون بجاية


نلطم على الصدور بحركة وبغيرة
نصرخ ياحسين زينب بحيرة
مسبية غصب من ديرة لديرة
مسبية غصب من ديرة لديرة

وظهور الحرم للسوط لكاية


على درب الحسين جينه مشاية
بلباس الجفن وعيون بجاية


جينه نواسي عيالك يا امام
اطفال وسبايه بلايه عمام
نلطم على الوجة نصرخ ياحرام
نلطم على الوجة نصرخ ياحرام

عيال المصطفى مسبيه اسبايه


على درب الحسين جينه مشاية
بلباس الجفن وعيون بجاية



الشاعر ضياء الدراجي
لمناسبة اربعينية الامام الحسين عليه السلام
2011

05‏/12‏/2011

سرتُ للحسين ابكي بدمع فؤادي

سرتُ للحسين ابكي بدمع فؤادي
سرتُ لمقيم ديني بلبس سوادي
ابكي لمقطع الاوداج للدينِ فادي
بدماءِ خيرُ الشبابِ و طفل المهادِ
ابكي بطلٌ على الفراتِ مقطع الايادي
وقربة مثقوبة بجنبهِ تصرخ ماء اولادي
ابكي لأطفال شتتوا في البوادي
بين خيل امية وبين قسوة الأعادي
يا طريقاً في اربعينِ يوماً تصرخ تنادي
هذه عيال احمد مكشوفة للعبادِ
لم يُرى لهم قبلً طرفً ولا سوادِ
وعليلاً بالقيودِ مكبلاً يجرهُ الجوادِ
بقية الله من الحسينِ امامٌ هادي
هذه عيال احمد سباها ابن زيادي
يجرها شمرا ليزيدِ حفيدُ هنادي
فاليوم راسَ حسينً بعدَ اكل الأكبادِ

الشاعر ضياء الدراجي

28‏/11‏/2011

لاجل حسين جهادي

ماتت خيرُ الشباب
بين احضان التراب
تقتل تحت الحراب
او يفجرها ارهابي
يلله جميعا ننادي
لأجل حسينا جهادِ
الطمي اسود بلادي
لذكر شهيدا السوادِ
يلله لحفظ المبادي
هذي اصول اعتقادي
هذي شباب قرانا
تحرق دم عدانا
هبت تلبي ندانا
لأجل حسينا جهادِ
يا امنا لا نريد
عن دربنا ان نحيد
فإن سقطت شهيدا
لأجل حسينا جهادِ
أمي كفي الدموع
و انتظري لي الرجوعَ
هبت الموالي جميعا
لأجل حسينا جهادِ

الشاعر ضياء الدراجي

الكميت في العمارة ارض البو دراج

سميت باسم الكميت لوجود قبر شاعر اهل البيت فيها
الشاعر الشهيد الكميت بن زيد الأسدي
  ( 60 ـ 126هـ )من أعلام الشعر في العصر الأموي
حسن الشيخ حسين يُعتبر الكميت بن زيد الأسدي من أوائل شعراء الإسلام الذين جعلوا من الشعر أداة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، وكان لذلك أثره البعيد في تثقيف جمهور الناس الذين استلهموا من هذه الأشعار روح الثورة وفكرة الإصلاح والتغيير.
مولده ونسبه
هو الكميت بن زيد الأسدي، لقبه أبو المستهل، نسبه ينتهي إلى مُضَر. ولد في الكوفة سنة 60 هـ على عهد بني أمية وقضى شطراً من صباه في مسقط رأسه، حيث تغذى فكره بثورة الحسين عليه السّلام، وقد عُرف عنه في مطلع حياته أنه كان يعلّم الصبيان في مسجد الكوفة (1). ثم نبغ في الشعر حتّى أضحى من فحول الشعراء في عصره، حيث ارتسمت في قصائده صورة العصر وانعكست في مرآة أدبه حياة المجتمع من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.أخلاقه وصفاته
كان عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها، وكان فيه عشر خصال لم تكن في شاعر: « كان خطيب بني أسد، فقيهاً، حافظاً للقرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نشّابة جدلاً، أول من ناظر في التشيع، رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه، فارساً شجاعاً، سخياً ديِّناً » (2).وكان معروفاً بموالاته لأهل البيت عليهم السّلام مشهوراً بذلك، كما تشهد بذلك القصائد الهاشميات، وهي من جيّد شعره ومختاره. وكان جريئاً، مستبسلاً في الدفاع عن عقيدته، حتّى ولو كلفته حياته، وقد عانى في سبيل ذلك ألم السجن والتشرد والغربة حتّى فاز بالشهادة.نبوغه في الشعرمنذ مطلع شبابه، أظهر الكيمت ذكاءاً نادراً، كما شهد له بذلك الشاعر الفرزدق حين التقاه في الكوفة وعرض عليه بواكير شعره فأثنى عليه وذلك أن الكميت قال له: إني قلت شيئاً أحب أن تسمعه مني يا أبا فراس، فقال له: نعم هاتِه، فأنشده قوله:
طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ
ولا لعباً منـي وذو الشوق يلعـبُ!
فقال له: قد طربتَ إلى شيءٍ ما طرب إليه أحد قبلك.
ولم يُلْهني دارٌ ولا رسم منزلٍ
ولم يتطـربني بَنان مخـضَّبُ
قال: ما يطربك يا ابن أخي ؟ قال:
ولا السـانحـات البارحات عشيةً
أمرَّ سليمُ القرن أم مرَّ أعضبُ (3)
فقال: أجل لا تتطير. فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنُّهى
وخير بني حوّاء والخيرُ يُطلَبُ
قال: مَن هؤلاء ويحك ؟ فقال:
إلى النفر البيـض الذين بحبهـم
إلـى الله فيمـا نابنـي أتقـرّبُ
بني هـاشمٍ رهـط النبي محمـدٍ
بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ
خفضت لهم مني جناحَي مـودةٍ
إلى كنف عِطفاه أهلٌ ومـرحبُ
وكنت لهم مـن هـؤلاء وهـؤلا
مجنّاً علـى أنـي أُذمُّ وأقصـبُ
وأُرمى وأرمي بالعـداوة أهلهـا
وإنـي لأُوذى فيـهـمُ وأُؤنَّـبُ
فأُعجب عند ذلك الفرزدق بشاعرية الكميت قائلاً: أذِعْ، أذِعْ شعرك، فأنت أشعر من مضى ومَن بقي (4).
موقفه من الأُمويينكانت ثورة زيد بن علي بن الحسين عليه السّلام حافزاً كبيراً لتدفق شاعرية الكميت، فهو قد نظم لاميّته المشهورة مؤيِّداً لتلك الثورة هاجياً حكام عصره مندداً بمساوئهم، كاشفاً لعيوبهم، يقول فيها:



ألا هـل عـمٍ فـي رأيـه متأمـلُ
وهـل مدبـرٌ بعد الإشـاعة مقبـلُ
وهـل أمـة مستيقظـون لرشـدهم
فيكشـف عنـه النعسـة المتزمّـلُ
لقد طال ضد النوم واستخرج الكرى
مساوئهم لـو أنّ ذا الميـل يعـدلُ
أرانا على حـب الحيـاة وطولهـا
يُجـدُّ بنا فـي كـل يـوم ونهـزَلُ
رضينـا بـدنيـا لا نريـد فراقهـا
علـى أننـا فيهـا نمـوت ونُقتـلُ
فتلك ملوكُ السوءِ قد طـال ملكهـم
فـحتّـام حتـام العنـاءُ المطـوَّلُ
وما ضربَ الأمثال في الجورِ قبلنا
لأجورَ من حكـامنـا المتمثـلُ (5)


فلما بلغت هذه الأبيات مسامع خالد بن عبدالله القسري، وكان والياً على العراق من قِبَل هشام بن عبدالملك، وكان هذا الوالي حاقداً على الكميت، عمد إلى جوارٍ حِسان من وجوه الكمال والأدب، فرواهن هذه القصائد، وأرسل بهن إلى هشام بن عبدالملك، فاستنشدهنّ الشعر، فأنشدنه الهاشميات، فغضب واشتدّ غيظه واستنكر ذلك. وأرسل إلى خالد يأمره بأن يُحضِر الكميت ويقطع لسانه ويده. فلم يشعر الكميت إلاّ والخيل محدقة بداره، فأُخذ إلى السجن، ولكنه استطاع الإفلات منه بأعجوبة، وذلك أنه بعث إلى زوجته واسمها حُبّي وكانت تحمل عاطفة الولاء لبني هاشم، فزارته في سجنه وألبسته ثيابها وتنقّب بناقبها، وخرج حراً طليقاً، وقد أبصره بعض الفتيه لدى خروجه فقال متفرساً: ما ننكر من هذه المرأة إلا يبساً في كتفيها، ولكن لم يفطن إليه، وتابع الكميت سيره منشداً:


خرجت خروج القدح قـدح ابن مقبـلٍ
على الرغم من تلك النوابـح والمشلـي
علَـيّ ثيـاب الغـانيـات وتـحتـهـا
عزيمة امرئٍ الوالي أشبهت سِلِّة النصّلِ
فعمد الوالي إلى زوجة الكميت ليعاقبها، عند ذلك تدخل قومها من بني أسد قائلين للوالي: ما سبيلك على امرأة حرّة فَدَت بعلها بنفسها، فخشي من سوء العاقبة، وخلّى سبيلها (6).وكم من مرةٍ تعرّض لهجاء حكام عصره، في سياق مديحه للهاشميين، كما فعل في الميمية المشهورة:


بل هـواي الـذي أجـنُّ وأبـدي
لبـنـي هـاشـم فـروع الأنـامِ
الغيوث الليوث إن أمحـل الناس
فـمـأوى حـواضــن الأيتـامِ
ساسةٌ لا كمن يَرى رعية النـاس
سـواءً ورعـيـة الأنــعــامِ
لا كـعبـد المليـك أو كـوليـدٍ
أو سـليمـان بعـدُ أو كـهشـامِ
مَن يمت لا يـمت فقيـراً ومـن
يَحيى فلا ذو إلٍّ ولا ذو ذمام (7)


وقد جرّت عليه هذه القصيدة عتاباً ووعيداً من هشام الذي أحضره إليه واستجوبه عن الأبيات السالفة، وهنا اضطُرّ الكميت خوفاً من القتل صبراً وهو لا يجدي العمل الرسالي الذي نذر الكميت نفسه من أجله، لذلك فقد اصطنع شيئاً من المديح الكاذب وبعد أن أجاز له أحد الأئمّة ذلك، قائلاً له: إن التقية لتحل حفظاً للنفس، وصوناً لها من الهلاك في غير موضع مناسب، من ذلك في مثل قوله:


والآن صرتُ إلى أميةَ
والأُمور إلى المصايرْ


وقد ظن بعض الباحثين ان الكميت قد خالف نهجه الأول، ولكن الحقيقة أن الكميت قد اشترى حياته ولو إلى حين بهذه الأبيات اليسيرة. وهو الذي قال فيهم من قبل أقذع الهجاء وأمرّه:


فقل لبنـي أمية حيث حلّـوا
وإن خفتَ المهنّدَ والقطيعا (8)
أجـاع الله مـن أشبعتمـوه
وأشبع مَن بجوركـمُ أُجيعـا
بمرضيّ السياسـة هاشمـي
يكون حياً لأمتـه ربيعـا (9)


موقفه مع أئمّة أهل البيت
ولقد كان الكميت متفانياً في حب النبيّ وآله الطاهرين فمن شعره في رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله:



بك اجتمعـت أنسابنـا بعد فُـرقةٍ
فنحن بنو الإسلام نُـدعى ونُنسَـبُ
حياتك كانـت مجدَنـا وسنـاءنـا
وموتك جدعٌ للعرانين مرعبُ (10)
فبُوركتَ مولوداً وبوركـت ناشئـاً
وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيبُ
وبورك قبر أنـت فيـه وبُوركـت
بـه ولـه أهـل بـذلـك يثـربُ
لقد غُيِّبـوا بـراً وصـدقاً ونائـلاً
عشية واراك الصفيح المنصّبُ (11)


وقال مادحاً أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام ومشيراً إلى أثر فقده في الأُمة:


فنعـم طبيـب النـاس مِن أمـر أُمةٍ
تـواكلهـا ذو الطـبّ والمـتطبّـبُ
ونـعـم ولـيُّ الأمـر بعـد وليـه
ومنتجـع التقـوى ونعـم المـؤدِّبُ
لـه ستـرتا بسـطٍ فكـفٌّ بـهـذه
بكفُّ وبالأُخرى العوالـي تُخضَّـبُ
محـاسن مـن دنيـا وديـنٍ كأنّمـا
بها حلّقت بالأمس عنقاء مُعِربُ (12)


قد روي أنه دخل على أبي عبدالله الصادق عليه السّلام في أيام التشريق، فقال له الكميت: جُعلت فداك، ألا أنشدك، قال: إنها أيام عظام، قال: إنها فيكم. فقال: هات، وبعث أبو عبدالله إلى بعض أهله فقرب، وأنشد فكثر البكاء حينما وصل إلى هذا البيت:


يصيبُ به الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخـراً أسـدى لـه الغـي أوّلُ


فرفع أبو عبدالله عليه السّلام يديه وقال: اللهم اغفر للكميت ما قدّم وأخر، وما أسرّ وأعلن (13).وقد دخل قبل ذلك على الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السّلام فأنشده:


من لقلـبٍ متيَّمٍ مُستهـامِ
غير ما صبوةٍ ولا أحلامِ


فاستغفر له، ودفع إليه ألف دينار وكسوة. فقال الكميت: والله ما أحببتكم للدنيا، ولكن أحببتكم للآخرة، فأما الثياب التي أصابت أجسادكم، فأنا آخذها لبركتها. وأمّا المال فردّه وقبل الثباب، وقد أكرمته فاطمة بنت الحسين حينما عرفته مقدّمةً إليه سويقاً فشربه وهي تقول: هذا شاعرنا أهل البيت.


أقوال العلماء فيه
سئل معاذ الهراء: مَن أشعرُ الناس ؟ قال: أمن الجاهليّين ؟ أم من الإسلاميين ؟ قالوا: بل من الجاهليين. قال: امرؤ القيس، وزهير، وعبيد بن الأبرص. قالوا: فمِن الإسلاميين ؟ قال: الفرزدق، وجرير، والأخطل، والراعي. فقيل له: ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال: ذاك أشعر الأولين والآخرين.ويقول عبدالحسين الأميني في غديره عن الكميت، محلّلاً مواقفه النبيلة: وللكميت في رده الصِّلات الطايلة على سروات المجد من بني هاشم تكرمة ومحمدة عظيمة أبقت له ذكرى خالدة. وكل من تلكم المواقف شاهد صدق على خالص ولائه وقوة إيمانه، وصفاء نيته وحسن عقيدته ورسوخ دينه وإباء نفسه وعلو همته، وثباته في مبدئه المقدس. وصدق مقاله للإمام السجاد عليه السّلام: إني قد مدحتك أن يكون لي وسيلة عند رسول الله.وكان محلَّ احترام وتبجيل أئمّة الدين ورجالات بني هاشم، وكان في رده للصلات والأعطيات أكبر دليل على إخلاصه وولائه، فرد على عبدالله بن الحسن ضيعته التي أعطى له كتابها وكانت تساوي أربعة آلاف دينار.ثم يضيف العلاّمة الأميني في تقريظه للكميت قائلاً: والواقف على شعره يراه كالباحث عن حتفه بظلفه، ويجده مستفتلاً بلسانه، قد عرّض لبني أمية دمه مستقبلاً صوارمهم، كما نص عليه الإمام زين العابدين عليه السّلام: اللهمّ إنّ الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك نفسَه حتّى ضن الناس وأظهر ما كتم غيره (14).وفاتهحينما ثار زيد بن علي عليه السّلام على هشام، وقف الكميت يؤيد ويدعو للمشاركة في الثورة على حكم بني مروان، مما أثار عليه حكام عصره، فتعرض للأذى مراراً، وسُجن، وتشرّد كما يشير إلى ذلك في إحدى هاشمياته:



ألم تـرني من حـب آل محمـدٍ
أروح وأغـدو خـائفاً أتـرقّبُ
كأنيَ جانٍ أو محـدثٌ أو كأنمـا
بهم أُتّقى من خشية العار أجربُ


وتقضي المقادير أن تفشل ثورة زيد، ويُقتل على يدي يوسف بن عمر الثقفي والي العراق، ويصلب في الكناسة، فيحزن عليه الإمام الباقر عليه السّلام ومحبّوه، وينبري الكميت لهجاء يوسف الثقفي لما فعله بزيد:


يـعـزُّ علـى أحمـدٍ للـذي
أصاب ابنَه الأمس من يوسفِ
خبيثٍ من المعشر الأخبثيـن
وإن قلتُ زانيـن لـم أَقـذفِ


ومضت الأيام، وإذ بالكميت في مجلس يوسف بُعَيد قتله خالداً القسري الوالي السابق، وكان جنود من اليمانية وقوفاً على رأس يوسف، وكان يتحين فرصة للتخلص من الكميت، فأشار إليهم أن يضعوا سيوفهم في بطنه، ففعلوا ووجأوه فمات لساعته بعد نزف شديد (15).يقول المستهل بن الكميت: حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه فكان يفتح عينيه قائلاً: « اللهم آل محمد، اللهم آل محمد، اللهم آل محمد » (16) ومات شهيداً ـ رضوان الله عليه ـ مدافعاً عن حق أهل البيت عليهم السّلام بمنتهى الجرأة والبسالة، باذلاً مهجته في سبيل الحق، رافعاً لواء الالتزام في الموقف والشعر. فرحمة الله عليه شاعراً شهيداً.

الكميت في العمارة ارض البو دراج

سميت باسم الكميت لوجود قبر شاعر اهل البيت فيها
الشاعر الشهيد الكميت بن زيد الأسدي
  ( 60 ـ 126هـ )من أعلام الشعر في العصر الأموي
حسن الشيخ حسين يُعتبر الكميت بن زيد الأسدي من أوائل شعراء الإسلام الذين جعلوا من الشعر أداة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، وكان لذلك أثره البعيد في تثقيف جمهور الناس الذين استلهموا من هذه الأشعار روح الثورة وفكرة الإصلاح والتغيير.
مولده ونسبه
هو الكميت بن زيد الأسدي، لقبه أبو المستهل، نسبه ينتهي إلى مُضَر. ولد في الكوفة سنة 60 هـ على عهد بني أمية وقضى شطراً من صباه في مسقط رأسه، حيث تغذى فكره بثورة الحسين عليه السّلام، وقد عُرف عنه في مطلع حياته أنه كان يعلّم الصبيان في مسجد الكوفة (1). ثم نبغ في الشعر حتّى أضحى من فحول الشعراء في عصره، حيث ارتسمت في قصائده صورة العصر وانعكست في مرآة أدبه حياة المجتمع من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.أخلاقه وصفاته
كان عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها، وكان فيه عشر خصال لم تكن في شاعر: « كان خطيب بني أسد، فقيهاً، حافظاً للقرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نشّابة جدلاً، أول من ناظر في التشيع، رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه، فارساً شجاعاً، سخياً ديِّناً » (2).وكان معروفاً بموالاته لأهل البيت عليهم السّلام مشهوراً بذلك، كما تشهد بذلك القصائد الهاشميات، وهي من جيّد شعره ومختاره. وكان جريئاً، مستبسلاً في الدفاع عن عقيدته، حتّى ولو كلفته حياته، وقد عانى في سبيل ذلك ألم السجن والتشرد والغربة حتّى فاز بالشهادة.نبوغه في الشعرمنذ مطلع شبابه، أظهر الكيمت ذكاءاً نادراً، كما شهد له بذلك الشاعر الفرزدق حين التقاه في الكوفة وعرض عليه بواكير شعره فأثنى عليه وذلك أن الكميت قال له: إني قلت شيئاً أحب أن تسمعه مني يا أبا فراس، فقال له: نعم هاتِه، فأنشده قوله:
طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ
ولا لعباً منـي وذو الشوق يلعـبُ!
فقال له: قد طربتَ إلى شيءٍ ما طرب إليه أحد قبلك.
ولم يُلْهني دارٌ ولا رسم منزلٍ
ولم يتطـربني بَنان مخـضَّبُ
قال: ما يطربك يا ابن أخي ؟ قال:
ولا السـانحـات البارحات عشيةً
أمرَّ سليمُ القرن أم مرَّ أعضبُ (3)
فقال: أجل لا تتطير. فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنُّهى
وخير بني حوّاء والخيرُ يُطلَبُ
قال: مَن هؤلاء ويحك ؟ فقال:
إلى النفر البيـض الذين بحبهـم
إلـى الله فيمـا نابنـي أتقـرّبُ
بني هـاشمٍ رهـط النبي محمـدٍ
بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ
خفضت لهم مني جناحَي مـودةٍ
إلى كنف عِطفاه أهلٌ ومـرحبُ
وكنت لهم مـن هـؤلاء وهـؤلا
مجنّاً علـى أنـي أُذمُّ وأقصـبُ
وأُرمى وأرمي بالعـداوة أهلهـا
وإنـي لأُوذى فيـهـمُ وأُؤنَّـبُ
فأُعجب عند ذلك الفرزدق بشاعرية الكميت قائلاً: أذِعْ، أذِعْ شعرك، فأنت أشعر من مضى ومَن بقي (4).
موقفه من الأُمويينكانت ثورة زيد بن علي بن الحسين عليه السّلام حافزاً كبيراً لتدفق شاعرية الكميت، فهو قد نظم لاميّته المشهورة مؤيِّداً لتلك الثورة هاجياً حكام عصره مندداً بمساوئهم، كاشفاً لعيوبهم، يقول فيها:



ألا هـل عـمٍ فـي رأيـه متأمـلُ
وهـل مدبـرٌ بعد الإشـاعة مقبـلُ
وهـل أمـة مستيقظـون لرشـدهم
فيكشـف عنـه النعسـة المتزمّـلُ
لقد طال ضد النوم واستخرج الكرى
مساوئهم لـو أنّ ذا الميـل يعـدلُ
أرانا على حـب الحيـاة وطولهـا
يُجـدُّ بنا فـي كـل يـوم ونهـزَلُ
رضينـا بـدنيـا لا نريـد فراقهـا
علـى أننـا فيهـا نمـوت ونُقتـلُ
فتلك ملوكُ السوءِ قد طـال ملكهـم
فـحتّـام حتـام العنـاءُ المطـوَّلُ
وما ضربَ الأمثال في الجورِ قبلنا
لأجورَ من حكـامنـا المتمثـلُ (5)


فلما بلغت هذه الأبيات مسامع خالد بن عبدالله القسري، وكان والياً على العراق من قِبَل هشام بن عبدالملك، وكان هذا الوالي حاقداً على الكميت، عمد إلى جوارٍ حِسان من وجوه الكمال والأدب، فرواهن هذه القصائد، وأرسل بهن إلى هشام بن عبدالملك، فاستنشدهنّ الشعر، فأنشدنه الهاشميات، فغضب واشتدّ غيظه واستنكر ذلك. وأرسل إلى خالد يأمره بأن يُحضِر الكميت ويقطع لسانه ويده. فلم يشعر الكميت إلاّ والخيل محدقة بداره، فأُخذ إلى السجن، ولكنه استطاع الإفلات منه بأعجوبة، وذلك أنه بعث إلى زوجته واسمها حُبّي وكانت تحمل عاطفة الولاء لبني هاشم، فزارته في سجنه وألبسته ثيابها وتنقّب بناقبها، وخرج حراً طليقاً، وقد أبصره بعض الفتيه لدى خروجه فقال متفرساً: ما ننكر من هذه المرأة إلا يبساً في كتفيها، ولكن لم يفطن إليه، وتابع الكميت سيره منشداً:


خرجت خروج القدح قـدح ابن مقبـلٍ
على الرغم من تلك النوابـح والمشلـي
علَـيّ ثيـاب الغـانيـات وتـحتـهـا
عزيمة امرئٍ الوالي أشبهت سِلِّة النصّلِ
فعمد الوالي إلى زوجة الكميت ليعاقبها، عند ذلك تدخل قومها من بني أسد قائلين للوالي: ما سبيلك على امرأة حرّة فَدَت بعلها بنفسها، فخشي من سوء العاقبة، وخلّى سبيلها (6).وكم من مرةٍ تعرّض لهجاء حكام عصره، في سياق مديحه للهاشميين، كما فعل في الميمية المشهورة:


بل هـواي الـذي أجـنُّ وأبـدي
لبـنـي هـاشـم فـروع الأنـامِ
الغيوث الليوث إن أمحـل الناس
فـمـأوى حـواضــن الأيتـامِ
ساسةٌ لا كمن يَرى رعية النـاس
سـواءً ورعـيـة الأنــعــامِ
لا كـعبـد المليـك أو كـوليـدٍ
أو سـليمـان بعـدُ أو كـهشـامِ
مَن يمت لا يـمت فقيـراً ومـن
يَحيى فلا ذو إلٍّ ولا ذو ذمام (7)


وقد جرّت عليه هذه القصيدة عتاباً ووعيداً من هشام الذي أحضره إليه واستجوبه عن الأبيات السالفة، وهنا اضطُرّ الكميت خوفاً من القتل صبراً وهو لا يجدي العمل الرسالي الذي نذر الكميت نفسه من أجله، لذلك فقد اصطنع شيئاً من المديح الكاذب وبعد أن أجاز له أحد الأئمّة ذلك، قائلاً له: إن التقية لتحل حفظاً للنفس، وصوناً لها من الهلاك في غير موضع مناسب، من ذلك في مثل قوله:


والآن صرتُ إلى أميةَ
والأُمور إلى المصايرْ


وقد ظن بعض الباحثين ان الكميت قد خالف نهجه الأول، ولكن الحقيقة أن الكميت قد اشترى حياته ولو إلى حين بهذه الأبيات اليسيرة. وهو الذي قال فيهم من قبل أقذع الهجاء وأمرّه:


فقل لبنـي أمية حيث حلّـوا
وإن خفتَ المهنّدَ والقطيعا (8)
أجـاع الله مـن أشبعتمـوه
وأشبع مَن بجوركـمُ أُجيعـا
بمرضيّ السياسـة هاشمـي
يكون حياً لأمتـه ربيعـا (9)


موقفه مع أئمّة أهل البيت
ولقد كان الكميت متفانياً في حب النبيّ وآله الطاهرين فمن شعره في رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله:



بك اجتمعـت أنسابنـا بعد فُـرقةٍ
فنحن بنو الإسلام نُـدعى ونُنسَـبُ
حياتك كانـت مجدَنـا وسنـاءنـا
وموتك جدعٌ للعرانين مرعبُ (10)
فبُوركتَ مولوداً وبوركـت ناشئـاً
وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيبُ
وبورك قبر أنـت فيـه وبُوركـت
بـه ولـه أهـل بـذلـك يثـربُ
لقد غُيِّبـوا بـراً وصـدقاً ونائـلاً
عشية واراك الصفيح المنصّبُ (11)


وقال مادحاً أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام ومشيراً إلى أثر فقده في الأُمة:


فنعـم طبيـب النـاس مِن أمـر أُمةٍ
تـواكلهـا ذو الطـبّ والمـتطبّـبُ
ونـعـم ولـيُّ الأمـر بعـد وليـه
ومنتجـع التقـوى ونعـم المـؤدِّبُ
لـه ستـرتا بسـطٍ فكـفٌّ بـهـذه
بكفُّ وبالأُخرى العوالـي تُخضَّـبُ
محـاسن مـن دنيـا وديـنٍ كأنّمـا
بها حلّقت بالأمس عنقاء مُعِربُ (12)


قد روي أنه دخل على أبي عبدالله الصادق عليه السّلام في أيام التشريق، فقال له الكميت: جُعلت فداك، ألا أنشدك، قال: إنها أيام عظام، قال: إنها فيكم. فقال: هات، وبعث أبو عبدالله إلى بعض أهله فقرب، وأنشد فكثر البكاء حينما وصل إلى هذا البيت:


يصيبُ به الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخـراً أسـدى لـه الغـي أوّلُ


فرفع أبو عبدالله عليه السّلام يديه وقال: اللهم اغفر للكميت ما قدّم وأخر، وما أسرّ وأعلن (13).وقد دخل قبل ذلك على الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السّلام فأنشده:


من لقلـبٍ متيَّمٍ مُستهـامِ
غير ما صبوةٍ ولا أحلامِ


فاستغفر له، ودفع إليه ألف دينار وكسوة. فقال الكميت: والله ما أحببتكم للدنيا، ولكن أحببتكم للآخرة، فأما الثياب التي أصابت أجسادكم، فأنا آخذها لبركتها. وأمّا المال فردّه وقبل الثباب، وقد أكرمته فاطمة بنت الحسين حينما عرفته مقدّمةً إليه سويقاً فشربه وهي تقول: هذا شاعرنا أهل البيت.


أقوال العلماء فيه
سئل معاذ الهراء: مَن أشعرُ الناس ؟ قال: أمن الجاهليّين ؟ أم من الإسلاميين ؟ قالوا: بل من الجاهليين. قال: امرؤ القيس، وزهير، وعبيد بن الأبرص. قالوا: فمِن الإسلاميين ؟ قال: الفرزدق، وجرير، والأخطل، والراعي. فقيل له: ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال: ذاك أشعر الأولين والآخرين.ويقول عبدالحسين الأميني في غديره عن الكميت، محلّلاً مواقفه النبيلة: وللكميت في رده الصِّلات الطايلة على سروات المجد من بني هاشم تكرمة ومحمدة عظيمة أبقت له ذكرى خالدة. وكل من تلكم المواقف شاهد صدق على خالص ولائه وقوة إيمانه، وصفاء نيته وحسن عقيدته ورسوخ دينه وإباء نفسه وعلو همته، وثباته في مبدئه المقدس. وصدق مقاله للإمام السجاد عليه السّلام: إني قد مدحتك أن يكون لي وسيلة عند رسول الله.وكان محلَّ احترام وتبجيل أئمّة الدين ورجالات بني هاشم، وكان في رده للصلات والأعطيات أكبر دليل على إخلاصه وولائه، فرد على عبدالله بن الحسن ضيعته التي أعطى له كتابها وكانت تساوي أربعة آلاف دينار.ثم يضيف العلاّمة الأميني في تقريظه للكميت قائلاً: والواقف على شعره يراه كالباحث عن حتفه بظلفه، ويجده مستفتلاً بلسانه، قد عرّض لبني أمية دمه مستقبلاً صوارمهم، كما نص عليه الإمام زين العابدين عليه السّلام: اللهمّ إنّ الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك نفسَه حتّى ضن الناس وأظهر ما كتم غيره (14).وفاتهحينما ثار زيد بن علي عليه السّلام على هشام، وقف الكميت يؤيد ويدعو للمشاركة في الثورة على حكم بني مروان، مما أثار عليه حكام عصره، فتعرض للأذى مراراً، وسُجن، وتشرّد كما يشير إلى ذلك في إحدى هاشمياته:



ألم تـرني من حـب آل محمـدٍ
أروح وأغـدو خـائفاً أتـرقّبُ
كأنيَ جانٍ أو محـدثٌ أو كأنمـا
بهم أُتّقى من خشية العار أجربُ


وتقضي المقادير أن تفشل ثورة زيد، ويُقتل على يدي يوسف بن عمر الثقفي والي العراق، ويصلب في الكناسة، فيحزن عليه الإمام الباقر عليه السّلام ومحبّوه، وينبري الكميت لهجاء يوسف الثقفي لما فعله بزيد:


يـعـزُّ علـى أحمـدٍ للـذي
أصاب ابنَه الأمس من يوسفِ
خبيثٍ من المعشر الأخبثيـن
وإن قلتُ زانيـن لـم أَقـذفِ


ومضت الأيام، وإذ بالكميت في مجلس يوسف بُعَيد قتله خالداً القسري الوالي السابق، وكان جنود من اليمانية وقوفاً على رأس يوسف، وكان يتحين فرصة للتخلص من الكميت، فأشار إليهم أن يضعوا سيوفهم في بطنه، ففعلوا ووجأوه فمات لساعته بعد نزف شديد (15).يقول المستهل بن الكميت: حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه فكان يفتح عينيه قائلاً: « اللهم آل محمد، اللهم آل محمد، اللهم آل محمد » (16) ومات شهيداً ـ رضوان الله عليه ـ مدافعاً عن حق أهل البيت عليهم السّلام بمنتهى الجرأة والبسالة، باذلاً مهجته في سبيل الحق، رافعاً لواء الالتزام في الموقف والشعر. فرحمة الله عليه شاعراً شهيداً.