عدد الذين شاهدوا هذه الصفحة معك

04‏/04‏/2013

ذكريات في زنزانتي الحمراء


لم استطيع ان افتح عيني لكثرة ما كانت اهدابي ملتصقة مع بعض فقد كان جسمي يوخزني في كل مكان بالام شديدة كانها مسامير صدئه تدخل وتخرج مسرعة في جسدي مددت يدي لازيل بقايا الدم المتجمد على وجهي حتى استطيع ان افتح عيناي   فالمكان الذي انا فيه احسه ضيق جدا ولا استطيع الحركة فيه وبصعوبة بالغة وصلت اصابع يدي اليسري لعيني اليسرى  لتساعدها على فك اشتباك اهدابها بازاله الدماء والوحول التي كانت تلصقها فاذا بي داخل خزانة حجرية حمراء ارتفعها مترا وعرضها نصف متر وطولها نصف متر ذات باب حديدي احمر فيه فتحة واحدة اسفل الباب لا يتجاوز ارتفاعها الثلاث اصابع وعرضها 30 سينتمتر ويشع الضوء الاحمر من السقف لم اعرف مصدرة  اردت ان احرك يدي اليمنى لكنها لم تتجاوب معي فقد كانت ثقيلة جدا  وبصعوبة مع الالم وصلت يدي اليسرى الى العين اليمنى لتبصر النور الاحمر هي الاخرى ,لقد كنت في صدمة شدية فلم اتذكر شيء سوى اني قد ضربت بشدة لأسباب اجهلها احسست بالاختناق والضيق داخل حبسي الاحمر اخذت بالصراخ بأنات متقطعة وحنجرة واهية لعل احدا يسمع صوتي ليخرجني من ذلك المكان المرعب  ظللت اصرخ حتى خارت قواي وبح  صوتي  لكن ما من مجيب وبعد وقت طويل دس الى صحن من حديد فيه مياة ضحلة وفتات خبر منقوع خلال الفتحة السفلية وسمعت كلمة كل ثم مضى لم اعرف الصوت فقد سمعتة لاول مرة نظرت الى طعامي الذي اصتبغ بالون الاحمر بسبب ضوء زنزانتي الضيقة فافرغت ما في معتدي لنتانه رائحتة فانا المدلل اكل هذه الاقذار لكن الجوع كافر فلم اتحمل اكثر من يومان فاصبح ذلك الطعام هو سبيل خلاصي للتمسك في الحياة واصبح اطيب من لحم الطير المشوي على نار الفحم في مطاعم بغداد الشهيرة بقيت في زنزانتي لايام طويلة لا اعرف كم  لا اعرف الليل من النهار فكنت اسلي نفسي بالمعادلات الرياضية التي لم افهم من اين دخلت تفكري فكان الحساب كل ما افكر فية حتى اتسلى في وحدتي الحمراء  وفي يوم فتح باب الحديد واخرجت من هذا المكان النتن لم استطع ان اقف على قدماي الى بعد جهد وكان ظهري منحني مع انحناء  جلوسي في حبسي الضيق فاذا بي اصف على الجدار مع اناس حالهم مثلي وجوه عابسة ضئيلة مسح حب الحياة عنها ولحى طويلة بيضاء وسوداء لم نكن نرتدي سوى قطعة واحدة من الملابس تستر العورة فقط بيقينا على هذا الحال مدة من الزمن كانت كنزهة لي بعد الحبس الطويل ليدخل علينا رجل طويل يرتدي الزيتوني وحذاء احمر ملمع ووجة قد بانت علية النعمة والترف حتى ترى الدماء تسري بين عروقة  يضع على فمة منديل  من شدة رائحة اجسادنا التي كانت تزعجة  فاخذ يسال الموجودين عن تهمهم واعترافاتهم وكان لكل منهم قصة فالكل كان متهمين بمعاداتهم للنظام الحاكم  حتى وصل الي 
قال ما هي تهمتك
قالت انا لا اعرف
قال ما اسمك
قلت لا اذكر
قال من اين انت
قلت لا اعرف
فالتفت الى احد مرافقية وقال ما هذا الشخص اريد ملفة لكنهم لم يستطيعوا اجابتة بشي 
قال اين الاشخاص الذين قاموا بنزع اعترافاته 
قالوا  فلان وفلان 
قال احضروهم لي
فاذا بهم رجلان عملاقان احدهم يسمى ابو الليل والاخر ابو شوارب 
قال ما هي تهمته
قالا لا نعرف
لكننا وجدناة في غرفة السجن وعملنا معه الواجب ليعترف لكنة لم يعترف وفقد الوعي ثم وضعناه في حبس الكلاب منذ ثلاث اسابع
قال:- الشاب فاقد الذاكرة لا يذكر شيء
وهناك تكلم احد الموجودين
قال :- سيدي انا اعرف هذا الشاب فهو جندي من الوحدة العسكرية المقابلة لنا  سجنة امرة ثلاث ايام عقوبة انضباطية وكان سجن الوحدة لا يتسع للمساجين فارسلة الينا لكمال عقوبته ونحن نبحث عنه منذ ثلاث اسابيع ولا نعرف اين ذهب حتى وحدته العسكرية ارسلت كتب رسمية تتطالب به لكننا لم نجدة 
فلتفت الرجل الى العسكريين وقال لهم (تبقون زمايل) هيا ارسلوه الى وحدتة بسرعة ,فوضعوني في سيارة بيكب عسكري ودخلوني الى وحدة عسكرية كانت مقابل السجن فتجمع علي الكثير من الجنود اعرف اشكالهم من اشباح في ذاكرتي فكانوا ينادونني باسم اجهلة ثم نقلوني الى مستشفى عسكري قريب لعلاجي فقد كانت يدي اليمنى مكسورة وهناك كسر في الجمجمه وفقدت عدد من اسناني  لكني لاذكر شي حتى دخلت علي امراة عجوز وشيخ كبير وارتميا فوقي واجهشا بالبكاء
 ولدي اين كنت بحثنا عنك في كل مكان 
لم اجوابهما لكن عرفت انهما ابي وامي 
واخذت ذاكرتي تعود شيء فشيء مع مرور الزمن وزيارة الاحبة لكن لا يزال الضوء الاحمر يلازمني الى هذا اليوم منذ عام 1996 وحتى اليوم  لا انام في غرفة بدون ضوء احمر وقلم ودفتر لاحل المعادلات الرياضية وقد نسيت الكثير من اسماء اصدقائي والاماكن التي زرتها حتى اني احرقت كل الصور التي كانت لدي لاحمي من كان يعرفني من طغيان رجال ظالمين 
********************
بقلم ضياء الدراجي