حيثُ الأرضُ ما زالتْ تَرتجفُ تحتَ الرّكامِ،
والدّمُ لا يزالُ يحترقُ في الذاكرةِ،
وقفَ أخي الأصغر...
باقيًا أثرًا من أبي.
الريحُ تراقبُهُ،
والغبارُ يَمسَحُ صمتَ خطاهُ،
وفي عينيهِ بقايا لهبٍ،
أشلاءُ حلمٍ ضاعَ في الزمانِ...
في الغدِ...
حينَ يسيرُ خلفَ الجثمانِ،
سوفَ يَحملُهُ كأنَّهُ يحملُ بقايا الأملِ،
كأنَّهُ يحملُ سرَّ الفجرِ الذي لم يُولدْ بعدْ...
هوَ لا يبكي،
فالدمعُ صارَ رمادًا من زمنٍ ماضٍ،
والحزنُ صارَ جزءًا من هذا المكانِ...
لكنهُ يُمسكُ بقبضةٍ من ترابِ الشهداءِ،
يرتفعُ بها عاليًا،
كأنَّهُ يُخبرُ السماءَ:
ما زِلنا هنا...
ويسيرُ...
تحتَ شمسٍ غائمةٍ،
تحتَ سماءِ امتلأتْ بالكلماتِ الصامتةِ،
تحتَ سكونٍ يئنُّ كالرّصاصِ،
ويمضي...
وحينَ يَضيعُ بينَ الجموعِ،
ستظلُّ الأرضُ تذكرُهُ،
وتعرفُ أنَّهُ كانَ هنا،
يَحملُ جسدَ الشّهيدِ،
ويحملُ شيئًا أعمقَ من الحُزنِ...
شيئًا يُشبهُ العهدْ.
ضياء ابو معارج الدراجي